عدد الوسائل والمجالات التي ترفد العملية
التربوية والتعليمية ، وذلك بدء من التكوين والتمكين وانتهاء بالتقييم والتقويم ،
وامام تعدد النظريات التربوية المختلفة والتي تتوافق فيما بينها تارة ، او تتباين
تارة أخرى ، نطرح الإشكالية الآتية : هل للفروض المدرسية من دور في العملية
التربوية ؟ وهل تساهم في تعزيز العملية التعليمة ؟ لذلك ، فإننا سنبيّن في
معالجتنا لهذا الموضوع أنه لا بد من ان تتكامل الخطوات التربوية لتحقيق النجاح
وتعزيزه .
تطلق كلمة ” فروض ” على مختلف التمارين الخطية ، التي يكلف المعلم بها تلاميذه ، ليكتبوها بعناية ووعي على دفاترهم ، إن في البيت أو في المدرسة . وبتعبير آخر ، إن الفروض هي عبارة عن تمارين تطبيقية لكل ما تعلمه التلاميذ من معارف ومهارات شفوية او كتابية ، تكتب على دفاتر خاصة ، لتقدّم للمعلم في وقت محدد . وانطلاقا من مثل روماني :” الكلام يطير ، أما ما يكتب فيبقى “. ومثل آخر يتناول الفكرة ذاتها : ” ما كتب قرّ ، وما حفظ فرّ ” . نلاحظ ان المكتسبات الشفوية مهما كانت واضحة ، ومهما شارك التلاميذ في استنباط حقائقها … فإنه يبقى في أذهانهم مرتكزا على دعائم واهية ، تشبه السدود العائمة على صفحة الماء ، التي تظل عائمة ، ما دامت العاصفة مكبوتة الأنفاس .. لذلك كانت الفروض المدرسية أساسية في تثبيت عملية التعلم ، بحيث تكمّل عمل المعلم ، فتساعد التلميذ على ترسيخ ما طرحه المعلم من معلومات شفوية ، لأنه مهما تنوع الشرح الشفوي من خلال وسائل وأساليب ووسائل ، فإنه يظل مفتقرا الى تمارين تطبيقية خطية تعمقه وتثبته . كما أنّ هذه الفروض تعتبر وسيلة اختبارية تقيميّة بيد المربي يستطيع من خلالها قياس مدى تحقق الأهداف ، وتقويم أسلوبه ووسائله التي استخدمها أثناء الحصة . فالفروض المتقنة تشير الى دقة في التنفيذ ، وبراعة في الاسلوب . من جهة أخرى ، إن هذه الفروض تجعل من التلميذ معلما لنفسه ، يجلس لكتابتها بعيدا عن مساعدة المعلم وتدخل الرفاق .. وهذا ما يساعده على تكامل شخصيته ، فيعتمد على نفسه ، ويثق بها ، ليتخلص من كل مظاهر الشعور بالنقص والحيرة والتردد ..
والفروض في طبيعتها أنواع ، يمكن توزيعها الى قسمين ، أولها الفروض الابتكارية التي تساعد التلاميذ على اكتشاف حقائق بانفسهم ، وهي ما يطلق عليها ” أسئلة الفهم ” ، وهذه تفرض على التلميذ أن يفكّر ، ويحلل ويقارن ويستنتج الحقائق من معلومات متناثرة . كما هناك الفروض التطبيقية وهي عبارة عن اسئلة مباشرة لمعلومات مسجلة في الكتاب ، واهمية هذه الفروض تكمن في قدرتها على ترسيخ ما تلقاه الطلاب من معلومات ، خصوصا أن كثيرا من المعلومات لا تترسخ في الأذهان إلا بالتكرار ، وخصوصا عند الأطفال . وحتى تحقق الفروض المدرسية أهدافها لا بد أن تتوفر فيها سمات عديدة ، أبرزها أن تكون قصيرة مختصرة كي لا تشكل ارهاقا للتلميذ ، أو تبعث فيه السأم والتعب . وأن تتناسب والقدرات العقلية للفرد ، لا سهلة فيستهين بها ، ولا صعبة تقوده الى اليأس أو تدفعه الى الغش . ومن سماتها أيضا ان تكون متنوعة ، فتراعي ما أمكن مستويات الحقل الإدراكي المختلفة . وأيضا أن تكون محضرة ومدروسة ، بحيث تحاكي الحاجات ، ولا ترتجل فتشكل عقابا للتلميذ .
وكم من مرة تساءل بعض المربين : ” هل الفروض معدة للبيت أم للمدرسة ؟ ” وإذا بنا أمام تباين جديد في الآراء التربوية ، ففريق من التربوين يرفض أن توجه الفروض للبيت وحجته في ذلك أنه لا يجوز ارهاق الولد بالقراءة والكتابة طوال النهار وجزءا من الليل . ومن العدل أن نفسح المجال له كي يجدد نشاطه في اللهو واللعب . خصوصا ان بعض البيئات لا تسمح لأولادها بكتابة فروضهم ، حيث يساعد الاولاد ذويهم في اعمالهم . أو لعدم توفر ابسط المقومات الصحية في بيوت تتكون من غرفة واحدة ، وتفتقر مقاعد أو الى نور كاف .. فيرى هؤلاء المربون ان لا فائدة ترجى من هذه الفروض البيتية ،والتي لطالما ينفذها الأهل في معظم الأحيان . في المقابل هناك من يؤكد على إعطاء الفروض للبيت وحجته في ذلك أن الطفل الذي لا يكتب فرضا لا يتعلم جيّدا ، ويعتاد على البطالة المملة ، وفي الوقت نفسه ،هذه الفروض تكبح جماح الولد فلا ينصرف الى ملاقاة اولاد الأزقة ، أو يتمادى في ازعاج أهله بلعبه وصراخه ..!
وبعد استعراض الموقفين ، فإننا نرى أن كلا الفريقين على شيء من الصواب ، وخير الأمور الوسط ، فلا يجوز إهمال الفروض المدرسية للبيت لما تساهم في تثبيت الافكار وتمكين التلميذ منها . كما لا يجوز إغراق التلميذ في سيل من الفروض يحرمه التمتع بجمال الطفولة والحياة . فمن الافضل للمعلم أن يلائم بين الحاجات ، فيخفف كمّا من فروض المدرسة والبيت ، ليركز على الفروض نوعا ، بما لا يؤثر على سير العملية التربوية ، وسير العمل بالمناهج وانجازها ، فتشكل عاملا مفيدا لتنمية شخصية المتعلم وتركيز معلوماته .
وفي الختام ، يتبين لنا ان الفروض المدرسية هي وسيلة من الوسائل المتاحة لتعزيز العملية التربوية وإثرائها ، لا بل هي خطوة من خطواتها ، شرط أن تسير وفاقا لتوجيهات علم النفس التربوي ، لناحية مراعاتها للقدرات العقلية والعمرية للتلاميذ . إلا أن السؤال الذي ما زال يتردد صداه حتى اليوم هو الى أي مدى تراعي المناهج المعتمدة التطبيقات المباشرة كما ونوعا ؟ وهل هذه التطبيقات تراعي الفروق الفردية للتلاميذ لناحية أنماط التعلم وأنواع الذكاءات المتنوعة ؟ والى أي حدّ تتجاوز هذه التطبيقات المستويات الدنيا لتحاكي المستويات العليا للحقل الإدراكي ؟
أسئلة كثيرة يجب إيلاءها مزيدا من الأهمية، ضمانا لتحقيق النجاح للعملية التربوية والتعليمية .
تطلق كلمة ” فروض ” على مختلف التمارين الخطية ، التي يكلف المعلم بها تلاميذه ، ليكتبوها بعناية ووعي على دفاترهم ، إن في البيت أو في المدرسة . وبتعبير آخر ، إن الفروض هي عبارة عن تمارين تطبيقية لكل ما تعلمه التلاميذ من معارف ومهارات شفوية او كتابية ، تكتب على دفاتر خاصة ، لتقدّم للمعلم في وقت محدد . وانطلاقا من مثل روماني :” الكلام يطير ، أما ما يكتب فيبقى “. ومثل آخر يتناول الفكرة ذاتها : ” ما كتب قرّ ، وما حفظ فرّ ” . نلاحظ ان المكتسبات الشفوية مهما كانت واضحة ، ومهما شارك التلاميذ في استنباط حقائقها … فإنه يبقى في أذهانهم مرتكزا على دعائم واهية ، تشبه السدود العائمة على صفحة الماء ، التي تظل عائمة ، ما دامت العاصفة مكبوتة الأنفاس .. لذلك كانت الفروض المدرسية أساسية في تثبيت عملية التعلم ، بحيث تكمّل عمل المعلم ، فتساعد التلميذ على ترسيخ ما طرحه المعلم من معلومات شفوية ، لأنه مهما تنوع الشرح الشفوي من خلال وسائل وأساليب ووسائل ، فإنه يظل مفتقرا الى تمارين تطبيقية خطية تعمقه وتثبته . كما أنّ هذه الفروض تعتبر وسيلة اختبارية تقيميّة بيد المربي يستطيع من خلالها قياس مدى تحقق الأهداف ، وتقويم أسلوبه ووسائله التي استخدمها أثناء الحصة . فالفروض المتقنة تشير الى دقة في التنفيذ ، وبراعة في الاسلوب . من جهة أخرى ، إن هذه الفروض تجعل من التلميذ معلما لنفسه ، يجلس لكتابتها بعيدا عن مساعدة المعلم وتدخل الرفاق .. وهذا ما يساعده على تكامل شخصيته ، فيعتمد على نفسه ، ويثق بها ، ليتخلص من كل مظاهر الشعور بالنقص والحيرة والتردد ..
والفروض في طبيعتها أنواع ، يمكن توزيعها الى قسمين ، أولها الفروض الابتكارية التي تساعد التلاميذ على اكتشاف حقائق بانفسهم ، وهي ما يطلق عليها ” أسئلة الفهم ” ، وهذه تفرض على التلميذ أن يفكّر ، ويحلل ويقارن ويستنتج الحقائق من معلومات متناثرة . كما هناك الفروض التطبيقية وهي عبارة عن اسئلة مباشرة لمعلومات مسجلة في الكتاب ، واهمية هذه الفروض تكمن في قدرتها على ترسيخ ما تلقاه الطلاب من معلومات ، خصوصا أن كثيرا من المعلومات لا تترسخ في الأذهان إلا بالتكرار ، وخصوصا عند الأطفال . وحتى تحقق الفروض المدرسية أهدافها لا بد أن تتوفر فيها سمات عديدة ، أبرزها أن تكون قصيرة مختصرة كي لا تشكل ارهاقا للتلميذ ، أو تبعث فيه السأم والتعب . وأن تتناسب والقدرات العقلية للفرد ، لا سهلة فيستهين بها ، ولا صعبة تقوده الى اليأس أو تدفعه الى الغش . ومن سماتها أيضا ان تكون متنوعة ، فتراعي ما أمكن مستويات الحقل الإدراكي المختلفة . وأيضا أن تكون محضرة ومدروسة ، بحيث تحاكي الحاجات ، ولا ترتجل فتشكل عقابا للتلميذ .
وكم من مرة تساءل بعض المربين : ” هل الفروض معدة للبيت أم للمدرسة ؟ ” وإذا بنا أمام تباين جديد في الآراء التربوية ، ففريق من التربوين يرفض أن توجه الفروض للبيت وحجته في ذلك أنه لا يجوز ارهاق الولد بالقراءة والكتابة طوال النهار وجزءا من الليل . ومن العدل أن نفسح المجال له كي يجدد نشاطه في اللهو واللعب . خصوصا ان بعض البيئات لا تسمح لأولادها بكتابة فروضهم ، حيث يساعد الاولاد ذويهم في اعمالهم . أو لعدم توفر ابسط المقومات الصحية في بيوت تتكون من غرفة واحدة ، وتفتقر مقاعد أو الى نور كاف .. فيرى هؤلاء المربون ان لا فائدة ترجى من هذه الفروض البيتية ،والتي لطالما ينفذها الأهل في معظم الأحيان . في المقابل هناك من يؤكد على إعطاء الفروض للبيت وحجته في ذلك أن الطفل الذي لا يكتب فرضا لا يتعلم جيّدا ، ويعتاد على البطالة المملة ، وفي الوقت نفسه ،هذه الفروض تكبح جماح الولد فلا ينصرف الى ملاقاة اولاد الأزقة ، أو يتمادى في ازعاج أهله بلعبه وصراخه ..!
وبعد استعراض الموقفين ، فإننا نرى أن كلا الفريقين على شيء من الصواب ، وخير الأمور الوسط ، فلا يجوز إهمال الفروض المدرسية للبيت لما تساهم في تثبيت الافكار وتمكين التلميذ منها . كما لا يجوز إغراق التلميذ في سيل من الفروض يحرمه التمتع بجمال الطفولة والحياة . فمن الافضل للمعلم أن يلائم بين الحاجات ، فيخفف كمّا من فروض المدرسة والبيت ، ليركز على الفروض نوعا ، بما لا يؤثر على سير العملية التربوية ، وسير العمل بالمناهج وانجازها ، فتشكل عاملا مفيدا لتنمية شخصية المتعلم وتركيز معلوماته .
وفي الختام ، يتبين لنا ان الفروض المدرسية هي وسيلة من الوسائل المتاحة لتعزيز العملية التربوية وإثرائها ، لا بل هي خطوة من خطواتها ، شرط أن تسير وفاقا لتوجيهات علم النفس التربوي ، لناحية مراعاتها للقدرات العقلية والعمرية للتلاميذ . إلا أن السؤال الذي ما زال يتردد صداه حتى اليوم هو الى أي مدى تراعي المناهج المعتمدة التطبيقات المباشرة كما ونوعا ؟ وهل هذه التطبيقات تراعي الفروق الفردية للتلاميذ لناحية أنماط التعلم وأنواع الذكاءات المتنوعة ؟ والى أي حدّ تتجاوز هذه التطبيقات المستويات الدنيا لتحاكي المستويات العليا للحقل الإدراكي ؟
أسئلة كثيرة يجب إيلاءها مزيدا من الأهمية، ضمانا لتحقيق النجاح للعملية التربوية والتعليمية .